جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر - الإعلام في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم - بقلم الأديب د.صالح العطوان الحيالي
الاعلام في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
د.صالح العطوان الحيالي-العراق - 13-10-2018
الإعلام لغة من مادة علم، یعلم علما و یدل على أثر بالشيء یتمیز به فتقول أعلمته بكذا أي استشعرته و علمته تعلیما و العلم من صفات االله عز وجل فاالله العالم، العلیم العلام و العلم نقیض الجهل، ویقال إستعلم لي خبر فلان و أعلمیه حتى أعلمه و استعلمني الخبر فأعلمته إیاه و علمت الشيء أعلمه علماء عرفته و جاء في اللغة بمعنى التبلیغ یقال بلغني القوم بلاغا أي أوصلتهم الشيء المطلوب و البلاغ إیصال الشيء للمتلقي أو السامع لقوله صلى االله علیه وسلم ( بلغوا عني ولو
آیة و حدثوا عني بني إسرائیل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار) و بلغ و أنبأ و بین و أوصل بمعنى أعلم و تعني إشاعة المعلومات و افهامها لهم وبثها و تعمیمها و نشرها و إذاعتها على الناس.و الإعلام غیر التعلیم لأن الإعلام إختص بما كان أخبارا سریعة و أما التعلیم فقد ینطوي على التكرار و التكثیر.و خلاصة القول في تعریف الإعلام لغة: تحصیل العلم عند المتلقي أو المخاطب،فقد یكون جاهلا به فیعلمه، و قد یكون عالما به فیثبت في ذهنه، فیحصل المقصود منه، والأصل هو تحقیق غایة العلم و هي حصول حقیقة للمتلقي
أما الإعلام اصطلاحا فقد تعددت التعاریف فیه و إختلفت في المضمون و الشمول
للإعلام حسب المفهوم المعاصر و ذلك لإختلاف التصورات و تباین الأفكار و تضاد الأهداف التي أنیطت بهذا العلم و بوسائله المعاصرة و الحدیثة و هي كثیرة جدا لكن تقتصر على التعریف الذي أخذ به الكثیر من الكتاب المعاصرین و قالوا بأنه أوضح تعر یف وهوتعریف العالم الألماني ( توجروت) حیث عرفه بأنه التعبیر الموضوعي لعقلیة الجماهیروروحها و میولها و إتجاهاتها في نفس الوقت.
أي أن الإعلام لابد أن یكون صادقا مجردا عن المیول و الأهواء غیر متحیز قائما
على أساس من التجربة الصادقة متمشیا مع الجمهور الذي یوجه إلیه
و الإعلام أیضا هو تزوید الناس بالأخبار الصحیحة و المعلومات السلیمة، و الحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوین رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحیث یصیر هذا الرأي معتبرا موضوعیا عن عقلیة الجماهیر و إتجاهاتهم ومیولهم.
" هؤلاء النفر أشدُّ على قريشٍ من نضحِ النبل" (رسول اللَّه (ص) "
أقام الإسلام بالقرآن عالما جدیدا، تربطه بخالقه أقوى و أعظم الصلات و شهد
المنصفون في العالم أن ذلك المجتمع كان من أقرب المجتمعات التي شهدتها الإنسانیة، وهي تسمو الى المثل الأعلى و الكمال، و خلال مدة وجیزة شهد العالم حضارة الإسلام حیث دخلت أنواره إلى شتى بقاع المعمورة و ما كان ذلك لیتم إلا بالبلاغ و الدعوة و الإعلام مصداقا لقوله تعالى (ادع الى سبیل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتالي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبیله وهو أعلم بالمهتدین) و بهذه الروح السمحة للقرآن، و هذا التوجیه الرباني السامي، المنزه عن النقائص البالغ سمات الكمال، مضت الدعوة في طریقها لتكسب لها كل یوم أنصارا و أتباعا، و تتجاوز كل العقبات و ذلك من خلال وسائل الإعلام المتاحة التي استعملها الحبیب المصطفى (علیه الصلاة و السلام) لتبلغ دعوته مشارق الأرض و مغاربها، و طالعت الكون شمسا مشرقة تبعث فیه الحیاة من بعد ركود طویل، و تنیر أرجاءه بعد ظلام دامس، تنثر فیه دفء المحبة و الأخوة والسلام،
فسرى في أوعیته روح الحیاة و الإیمان لیظلل جمیع من تحت رایته و لوائه بظلال العدالة والمساواة و تهب من كل حدب و صوب، نسائم التعاون والتضامن و الإیثار والبذل والعطاء، فیتنسم الكون كله صفاء النسیم .و ینهل أهله من صفاء المعین، فیستعذبون المنهل بعد ظمأ طویل و یتذوقون حلاوة الإیمان بعد قحط مدید، فینطلقون یحررون الشعوب من قیود العبودیة و أغلال الجاهلیة،وتسلط الطغاة و بهذا شعر الناس بالكر امة الإنسانیة و العزة الحقیقیة، فاتسعت وحدة الإسلام
و عمت خیراته، و لم یكن ذلك بالأمر الهین و لم تكن هدایة العرب أمرا سهلا بل تحمل الرسول صلى االله علیه وسلم في سبیل دعوته المشاق الكثیرة و بذل كل ما یطیق في سبیل الدعوة إلى االله عز وجل، حیث صبر على الأذى في جسمه، و ماله و عیاله وأصحابه، ووطنه و لم یدخر وسعا من أجل ذلك سرا و علنا لیلا و نهارا یدعو قومه الذین كانوا على دین آبائهم و أجدادهم إلى جانب ما كانوا علیه من شدة و عصبیة وعناد وحمیَّة، فلا یتصور أن ینقلب هؤلاء مما هم علیه بین عشیة و ضحاها.و لما كان علیه الإعلام ( التبلیغ) من الأثر البارز في إنتشار الدعوة الله آنذاك فسأحاول التعر ض لأهم وسائل الإعلام في عصر النبي صلى االله علیه الصلاة والسلام والتي ساهمت في نشر الدعوة إلى االله.
الإسلام هو دين الإعلام بامتياز، فقلما تجد دينًا في الدنيا يحظى بهذه التغطية الإعلامية الكبيرة التي يحظى بها الإسلام، بل إن الإسلام والإعلام مرتبطان ببعضهما البعض منذ فجر الرسالة، فالحرب الحقيقية التي خاضها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بداية الدعوة هي الحرب الإعلامية، هذه الحرب هي أصعب ألف مرة من الحرب التقليدية، فهي حربٌ مفتوحة دائمًا من الطرف المعادي للإسلام، يستخدم فيها العدو أشرس أنواع الأسلحة الإعلامية في بعض الأحيان، وفي أكثر الأحيان يستخدم أقذرها ، لذلك انتبه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحكمته المعهودة لهذه الحرب، فأسس وحدة من المجاهدين الأبطال، مهمة هذه الوحدة كانت تفوق باقي المهمات العسكرية بالأهمية في كثيرٍ من الأحيان، هذه الوحدة هي وحدة الإعلام الإسلامي، شكَّلها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الشعراء بالتحديد، وسبب اختيار الشعراء بالذات يكمن في أن الشعر كان هو وسيلة الإعلام الوحيدة بين العرب، وليس عندي من الشك أدناه، بأنه لو كانت هناك صحفٌ في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لجنّد لها بعض الصحافيين الإسلاميين، فقوة الكلمة في الإسلام لا تقل عن قوة السيف أبدًا، بل إنها كما وصفها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشد على الكفار من نضح الإبل! وما انتشر الإسلام في الجزيرة العربية إلا بكلمات خرجت من فم محمد بن عبد اللَّه، وما حكمنا العالم من أقصاه إلى أقصاه إلا بكلمات من أفواه الدعاة، وما تخلفت هذه الأمة إلّا بعد إهمال المسلمين للإعلام والإعلاميين، فصارت أمنية الوالد المسلم أن يجعل من ولده طبيبًا أو مهندسًا، أم الإعلامي فهي مهنة ابتعد عنها المسلمون، مع العلم أن الإعلام الإسلامي يعتبر فرضًا من الفروض! فالإعلام هو الكلمة المرادفة للدعوة، ودعوة البشر للإسلام وتوضيح صورة الإسلام لغير المسلمين هو فرض على المسلمين، فأقوى سلاح يملكه المسلم هو الكلمة، فبالكلمة أسلم عمر بن الخطاب الذي كان يريد قتل الرسول، وبالكلمة تحول خالد بن الوليد من أشد أعداء الإسلام إلى أعظم فاتحٍ في تاريخه، وبالكلمة ناظر موسى فرعون أشرس جبارٍ في الأرض، وبالكلمة دعا إبراهيم أباه، وبالكلمة كان عيسى، وبالكلمة طار هُدهُد سليمان إلى بلقيس، وبالكلمة دعا يونس ربه في بطن الحوت، وبالكلمة نادى زكريا ربه نداء خفيًا، وبالكلمة -لا بالسلاح- دعا نوح قومه 950 سنة! وبالكلمة ملكنا قلوب الشرق والغرب، وبالكلمة بنينا حضارتنا العظيمة، وبالكلمة كتبنا أعظم كتب الدنيا، وبالكلمة دافع إعلاميو الرسول عن الإسلام ، فلقد كون أعظم قائدٍ سياسيٍ في تاريخ الإنسانية -رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وزارة للإعلام الإسلامي المجاهد، مهمتها الدفاع عن سمعة الإسلام والمسلمين، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن كقادة بعض الجماعات الإسلامية الذين لا يحركون ساكنًا لشرف الصحابة وأمهات المؤمنين، بل كان رسول اللَّه غيورًا على شرف أصحابه ونسائه، فشكل على الفور مجموعة من خيرة شعراء الإسلام على رأسهم الأسماء العملاقة التالية:
(حسان بن ثابت - عبد اللَّه بن أبي رواحة - كعب بن مالك - كعب بن زهير بن أبي سلمى) ...هؤلاء الإعلاميون الإسلاميون قاموا بالدفاع عن الإسلام والمسلمين خير دفاع بكلامهم وشعرهم، فالشعر في الإسلام ليس حرامًا، ولكن الإسلام حدد الاتجاهات الشعرية التي يجوز فيها للمسلم أن ينظم الشعر، وهو يتلخص بقول اللَّه عز وجل في سورة الشعراء: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}، وهذه الآيات لا تنطبق فقط على الشعراء، بل تنطبق جميع الكتّاب والمؤلفين بل وعلى جميع الإعلاميين بشكلٍ عام، فنصرة الإسلام تعتبر شرطًا أساسيًا في شرعية العمل الإعلامي، فليسأل كل أديبٍ وكل شاعرٍ وكل مذيعٍ نفسه سؤالًا، هل العمل الذي أقوم به فيه نصرة للإسلام أم لا؟ فإذا كان كذلك فبها ونِعم، وإلا فإنه يعرض نفسه للخطر، فلقد جاء الوقت للأمة الإسلامية أن تنهض إعلاميًا، وأن تهتم بكليات الإعلام، ففي هذا الوقت بالتحديد، يستخدم أعداء الإسلام الإعلام بشكلٍ بشعٍ للغاية لتشويه صورة الإسلام ورسوله، ونحن ما زلنا في سباتنا العميق، فدونكم رسول اللَّه احموه بالإعلام! فأين أنتم يا إعلامي الإسلام، أين أنتم يا كتّاب المسلمين، فشرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حاجة إلى من يدافع عليه، فهل من مدافع؟ وكما كان الشاعر الإسلامي أديبًا عظيمًا ينسج من الكلمات ما يزلزل به كيان المشركين، فقد كان الشاعر أيضًا مجاهدًا عسكريًا عظيمًا، يحمل السلاح وقت الحاجة للدفاع بروحه عن دين اللَّه، فلقد برز من بين شعراء الرسول قائدٌ عسكريٌ بطلٌ حمل راية الإسلام عاليًا، فسقاها بدمائه تضحية، كما سقاها قبل ذلك بمداده شعرًا، فكان هذا الشاعر الإسلامي البطل أحد ثلاثة قوّادٍ إسلاميين، قدّموا حياتهم وهم يحملون نفس الراية، فكانوا وبحق أعظم ثلاثة قِوادٍ في تاريخ الجنس البشري يسقطون دفعة واحدة: فأوَّلهم كان أحد العشرة المبشرين بالجنّة! وثانيهم كان "الطيّار" وثالثهم كان شاعر رسول اللَّه شخصيًا....وكانت الشاعرات النسوة لهن دورا كبيرا في هذا المجال وهن أروى بنت الحارث، وأروى بنت عبد المطلب، وأسماء بنت أبي بكر، وأسماء بنت عميس، وأم البراء، وأم ذرّ، وأم رعلة القشيرية، وأم سلمة، ولبابة بنت الحارث، وأم نبيط، وأم الهيثم النخعية، وأمامة الزبذية، وأميمة بنت رفيقة، وبركة بنت ثعلبة، وبكارة الهلالية، والبيضاء بنت عبد المطلب، والخنساء، وحفصة بنت عمر، وخولة بنت الأزور، وخولة بنت ثابت، ودرة بنت أبي لهب، ورقيقة بنت أبي صيفي، ورقية بنت عبد المطلب، وزينب بنت علي، وزينب بنت العوام، وسعدى بنت كريز، وسودة بنت عمارة، والشيماء بنت الحارث، وصفية بنت عبد المطلب، وضباعة بنت عامر، وضبيعة بنت خزيمة، وعائشة بنت أبي بكر، وعاتكة بنت زيد، وعاتكة بنت عبد المطلب، وعمرة بنت دريد، وعمرة بنت رواحة، وفاطمة بنت محمد، وقتيلة بنت النضر، وكبشة بنت رافع، ولبابة بنت الحارث، وميمونة بنت عبد الله، ونعم بنت حسان، وهند بنت أنانة، وهند بنت الحارث، وهند بنت سهيل، وهند بنت عتبة.عندما هجا عبد الله بن الزبعرى شاعر المشركين آنذاك الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك عندما هجاه أبو سفيان وكان على شركه، فسأل يومها الرسول أصحابه، من يدافع عنه، فتقدم علي رضي الله عنه، وتقدم كعب بن مالك وسواهما، وبقي الرسول صامتًا حتى جاء حسان بن ثابت وأخرج لسانه، فسأله الرسول كيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال له: أسُلك منهم كما تسلُّ الشعرة من العجين، فقال له: اذهب وروح القدس تؤيدك، والزم أبا بكر فإنه نسابة العرب، أي أعلم الناس بالأنساب، ويمكن أن يرشده إلى الصلات والأرحام. وأمام الرسول صلى الله عليه وسلم قال النابغة الجعدي:
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
فسأله الرسول: إلى أين يا أبا ليلى؟ فقال: إلى الجنة.. فأجابه: لا فُض فوك..
ويومها قال لبيد بن ربيعة شاعر المعلقة وقد أسن، وهو من المؤلفة قلوبهم: أبدلني الله البقرة وآل عمران بالشعر..
فذهب الكاتب إلى أن الشعر لم يكن محرمًا في الإسلام، والرسول لم يقف منه موقفًا سلبيًا.. والشاعر الإسلامي- حسان خاصة- كان وزير إعلام الرسول والدين الإسلامي، ونجح في ذلك أي نجاح في الدفاع عن الدعوة الإسلامية وصاحبها. أما ما يقال عن هذا الموضوع فهو خلاف حول مضامين الشعر الأخلاقية وما سواها..حيث روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت عبد الله بن رواحة، فقال وأحسن، وأمرت كعب بن مالك فقال وأحسن، وأمرت حسن بن ثابت فشفى واشتفى.
وأما نقد الرسول الكريم للشعر، فينبغي أن نلاحظ أن الرسول الكريم قد جاء بدين قويم يدعو إلى الفضائل، وينهى عن الرذائل، ويدعو - قبل ذلك وبعده - إلى عبادة إله واحد لا شريك له، وأن المقاييس النقدية التي كان على أساسها يحكم الرسول على الشعر ويبني نقده وتوجيهه له - هي المقاييس والأسس الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم، من التسامح والتواضع والعدل والإحسان والخلق الحسن، وهي الأسس والمقاييس العربية التي أقرها الإسلام، كالكلام والشجاعة والنجدة وحفظ الجوار، وهذه الأسس تتصل بالمعاني التي يجب أن يدور حولها الشعر.
وإذا كان الرسول الكريم قد اتخذ من المعاني الإسلامية والتوجيهات الخلقية لهذا الدين مقياسا وأساسا ينقد الشعر على أساسه، ويصلح منه - فإنه صلى الله عليه وسلم قد اتخذ من القرآن الكريم - أيضا - أسلوبا ولفظا ونظما أساسا له ومنهاجا؛ لما امتاز به من سماحة في القول، وسلامة في التعبير، وطبعية في الأسلوب، وبعد عن التكلف والغلو.
ولا نعجب إذ رأينا شعراء المسلمين يتمثلون القرآن الكريم في شعرهم - على اختلاف فنونه وأغراضه - يتمثلونه معنى وموضوعا، وأسلوبا ونظما، فيبنون فخرهم ومدحهم وهجاءهم على أسس من المبادئ الإسلامية، والقيم الأخلاقية الرفيعة التي استحدثها الدين الإسلامي، في هذا المجتمع الجديد، وعلى دعامة من الفضائل العربية التي أقرها الإسلام، كما كانوا يتخذون من بلاغة القرآن وسحر بيانه أساسا لنظمهم ودعامة لبيانهم.
" د. صالح العطوان الحيالي"
د.صالح العطوان الحيالي-العراق - 13-10-2018
الإعلام لغة من مادة علم، یعلم علما و یدل على أثر بالشيء یتمیز به فتقول أعلمته بكذا أي استشعرته و علمته تعلیما و العلم من صفات االله عز وجل فاالله العالم، العلیم العلام و العلم نقیض الجهل، ویقال إستعلم لي خبر فلان و أعلمیه حتى أعلمه و استعلمني الخبر فأعلمته إیاه و علمت الشيء أعلمه علماء عرفته و جاء في اللغة بمعنى التبلیغ یقال بلغني القوم بلاغا أي أوصلتهم الشيء المطلوب و البلاغ إیصال الشيء للمتلقي أو السامع لقوله صلى االله علیه وسلم ( بلغوا عني ولو
آیة و حدثوا عني بني إسرائیل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار) و بلغ و أنبأ و بین و أوصل بمعنى أعلم و تعني إشاعة المعلومات و افهامها لهم وبثها و تعمیمها و نشرها و إذاعتها على الناس.و الإعلام غیر التعلیم لأن الإعلام إختص بما كان أخبارا سریعة و أما التعلیم فقد ینطوي على التكرار و التكثیر.و خلاصة القول في تعریف الإعلام لغة: تحصیل العلم عند المتلقي أو المخاطب،فقد یكون جاهلا به فیعلمه، و قد یكون عالما به فیثبت في ذهنه، فیحصل المقصود منه، والأصل هو تحقیق غایة العلم و هي حصول حقیقة للمتلقي
أما الإعلام اصطلاحا فقد تعددت التعاریف فیه و إختلفت في المضمون و الشمول
للإعلام حسب المفهوم المعاصر و ذلك لإختلاف التصورات و تباین الأفكار و تضاد الأهداف التي أنیطت بهذا العلم و بوسائله المعاصرة و الحدیثة و هي كثیرة جدا لكن تقتصر على التعریف الذي أخذ به الكثیر من الكتاب المعاصرین و قالوا بأنه أوضح تعر یف وهوتعریف العالم الألماني ( توجروت) حیث عرفه بأنه التعبیر الموضوعي لعقلیة الجماهیروروحها و میولها و إتجاهاتها في نفس الوقت.
أي أن الإعلام لابد أن یكون صادقا مجردا عن المیول و الأهواء غیر متحیز قائما
على أساس من التجربة الصادقة متمشیا مع الجمهور الذي یوجه إلیه
و الإعلام أیضا هو تزوید الناس بالأخبار الصحیحة و المعلومات السلیمة، و الحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوین رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحیث یصیر هذا الرأي معتبرا موضوعیا عن عقلیة الجماهیر و إتجاهاتهم ومیولهم.
" هؤلاء النفر أشدُّ على قريشٍ من نضحِ النبل" (رسول اللَّه (ص) "
أقام الإسلام بالقرآن عالما جدیدا، تربطه بخالقه أقوى و أعظم الصلات و شهد
المنصفون في العالم أن ذلك المجتمع كان من أقرب المجتمعات التي شهدتها الإنسانیة، وهي تسمو الى المثل الأعلى و الكمال، و خلال مدة وجیزة شهد العالم حضارة الإسلام حیث دخلت أنواره إلى شتى بقاع المعمورة و ما كان ذلك لیتم إلا بالبلاغ و الدعوة و الإعلام مصداقا لقوله تعالى (ادع الى سبیل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتالي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبیله وهو أعلم بالمهتدین) و بهذه الروح السمحة للقرآن، و هذا التوجیه الرباني السامي، المنزه عن النقائص البالغ سمات الكمال، مضت الدعوة في طریقها لتكسب لها كل یوم أنصارا و أتباعا، و تتجاوز كل العقبات و ذلك من خلال وسائل الإعلام المتاحة التي استعملها الحبیب المصطفى (علیه الصلاة و السلام) لتبلغ دعوته مشارق الأرض و مغاربها، و طالعت الكون شمسا مشرقة تبعث فیه الحیاة من بعد ركود طویل، و تنیر أرجاءه بعد ظلام دامس، تنثر فیه دفء المحبة و الأخوة والسلام،
فسرى في أوعیته روح الحیاة و الإیمان لیظلل جمیع من تحت رایته و لوائه بظلال العدالة والمساواة و تهب من كل حدب و صوب، نسائم التعاون والتضامن و الإیثار والبذل والعطاء، فیتنسم الكون كله صفاء النسیم .و ینهل أهله من صفاء المعین، فیستعذبون المنهل بعد ظمأ طویل و یتذوقون حلاوة الإیمان بعد قحط مدید، فینطلقون یحررون الشعوب من قیود العبودیة و أغلال الجاهلیة،وتسلط الطغاة و بهذا شعر الناس بالكر امة الإنسانیة و العزة الحقیقیة، فاتسعت وحدة الإسلام
و عمت خیراته، و لم یكن ذلك بالأمر الهین و لم تكن هدایة العرب أمرا سهلا بل تحمل الرسول صلى االله علیه وسلم في سبیل دعوته المشاق الكثیرة و بذل كل ما یطیق في سبیل الدعوة إلى االله عز وجل، حیث صبر على الأذى في جسمه، و ماله و عیاله وأصحابه، ووطنه و لم یدخر وسعا من أجل ذلك سرا و علنا لیلا و نهارا یدعو قومه الذین كانوا على دین آبائهم و أجدادهم إلى جانب ما كانوا علیه من شدة و عصبیة وعناد وحمیَّة، فلا یتصور أن ینقلب هؤلاء مما هم علیه بین عشیة و ضحاها.و لما كان علیه الإعلام ( التبلیغ) من الأثر البارز في إنتشار الدعوة الله آنذاك فسأحاول التعر ض لأهم وسائل الإعلام في عصر النبي صلى االله علیه الصلاة والسلام والتي ساهمت في نشر الدعوة إلى االله.
الإسلام هو دين الإعلام بامتياز، فقلما تجد دينًا في الدنيا يحظى بهذه التغطية الإعلامية الكبيرة التي يحظى بها الإسلام، بل إن الإسلام والإعلام مرتبطان ببعضهما البعض منذ فجر الرسالة، فالحرب الحقيقية التي خاضها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بداية الدعوة هي الحرب الإعلامية، هذه الحرب هي أصعب ألف مرة من الحرب التقليدية، فهي حربٌ مفتوحة دائمًا من الطرف المعادي للإسلام، يستخدم فيها العدو أشرس أنواع الأسلحة الإعلامية في بعض الأحيان، وفي أكثر الأحيان يستخدم أقذرها ، لذلك انتبه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحكمته المعهودة لهذه الحرب، فأسس وحدة من المجاهدين الأبطال، مهمة هذه الوحدة كانت تفوق باقي المهمات العسكرية بالأهمية في كثيرٍ من الأحيان، هذه الوحدة هي وحدة الإعلام الإسلامي، شكَّلها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الشعراء بالتحديد، وسبب اختيار الشعراء بالذات يكمن في أن الشعر كان هو وسيلة الإعلام الوحيدة بين العرب، وليس عندي من الشك أدناه، بأنه لو كانت هناك صحفٌ في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لجنّد لها بعض الصحافيين الإسلاميين، فقوة الكلمة في الإسلام لا تقل عن قوة السيف أبدًا، بل إنها كما وصفها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشد على الكفار من نضح الإبل! وما انتشر الإسلام في الجزيرة العربية إلا بكلمات خرجت من فم محمد بن عبد اللَّه، وما حكمنا العالم من أقصاه إلى أقصاه إلا بكلمات من أفواه الدعاة، وما تخلفت هذه الأمة إلّا بعد إهمال المسلمين للإعلام والإعلاميين، فصارت أمنية الوالد المسلم أن يجعل من ولده طبيبًا أو مهندسًا، أم الإعلامي فهي مهنة ابتعد عنها المسلمون، مع العلم أن الإعلام الإسلامي يعتبر فرضًا من الفروض! فالإعلام هو الكلمة المرادفة للدعوة، ودعوة البشر للإسلام وتوضيح صورة الإسلام لغير المسلمين هو فرض على المسلمين، فأقوى سلاح يملكه المسلم هو الكلمة، فبالكلمة أسلم عمر بن الخطاب الذي كان يريد قتل الرسول، وبالكلمة تحول خالد بن الوليد من أشد أعداء الإسلام إلى أعظم فاتحٍ في تاريخه، وبالكلمة ناظر موسى فرعون أشرس جبارٍ في الأرض، وبالكلمة دعا إبراهيم أباه، وبالكلمة كان عيسى، وبالكلمة طار هُدهُد سليمان إلى بلقيس، وبالكلمة دعا يونس ربه في بطن الحوت، وبالكلمة نادى زكريا ربه نداء خفيًا، وبالكلمة -لا بالسلاح- دعا نوح قومه 950 سنة! وبالكلمة ملكنا قلوب الشرق والغرب، وبالكلمة بنينا حضارتنا العظيمة، وبالكلمة كتبنا أعظم كتب الدنيا، وبالكلمة دافع إعلاميو الرسول عن الإسلام ، فلقد كون أعظم قائدٍ سياسيٍ في تاريخ الإنسانية -رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وزارة للإعلام الإسلامي المجاهد، مهمتها الدفاع عن سمعة الإسلام والمسلمين، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن كقادة بعض الجماعات الإسلامية الذين لا يحركون ساكنًا لشرف الصحابة وأمهات المؤمنين، بل كان رسول اللَّه غيورًا على شرف أصحابه ونسائه، فشكل على الفور مجموعة من خيرة شعراء الإسلام على رأسهم الأسماء العملاقة التالية:
(حسان بن ثابت - عبد اللَّه بن أبي رواحة - كعب بن مالك - كعب بن زهير بن أبي سلمى) ...هؤلاء الإعلاميون الإسلاميون قاموا بالدفاع عن الإسلام والمسلمين خير دفاع بكلامهم وشعرهم، فالشعر في الإسلام ليس حرامًا، ولكن الإسلام حدد الاتجاهات الشعرية التي يجوز فيها للمسلم أن ينظم الشعر، وهو يتلخص بقول اللَّه عز وجل في سورة الشعراء: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}، وهذه الآيات لا تنطبق فقط على الشعراء، بل تنطبق جميع الكتّاب والمؤلفين بل وعلى جميع الإعلاميين بشكلٍ عام، فنصرة الإسلام تعتبر شرطًا أساسيًا في شرعية العمل الإعلامي، فليسأل كل أديبٍ وكل شاعرٍ وكل مذيعٍ نفسه سؤالًا، هل العمل الذي أقوم به فيه نصرة للإسلام أم لا؟ فإذا كان كذلك فبها ونِعم، وإلا فإنه يعرض نفسه للخطر، فلقد جاء الوقت للأمة الإسلامية أن تنهض إعلاميًا، وأن تهتم بكليات الإعلام، ففي هذا الوقت بالتحديد، يستخدم أعداء الإسلام الإعلام بشكلٍ بشعٍ للغاية لتشويه صورة الإسلام ورسوله، ونحن ما زلنا في سباتنا العميق، فدونكم رسول اللَّه احموه بالإعلام! فأين أنتم يا إعلامي الإسلام، أين أنتم يا كتّاب المسلمين، فشرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حاجة إلى من يدافع عليه، فهل من مدافع؟ وكما كان الشاعر الإسلامي أديبًا عظيمًا ينسج من الكلمات ما يزلزل به كيان المشركين، فقد كان الشاعر أيضًا مجاهدًا عسكريًا عظيمًا، يحمل السلاح وقت الحاجة للدفاع بروحه عن دين اللَّه، فلقد برز من بين شعراء الرسول قائدٌ عسكريٌ بطلٌ حمل راية الإسلام عاليًا، فسقاها بدمائه تضحية، كما سقاها قبل ذلك بمداده شعرًا، فكان هذا الشاعر الإسلامي البطل أحد ثلاثة قوّادٍ إسلاميين، قدّموا حياتهم وهم يحملون نفس الراية، فكانوا وبحق أعظم ثلاثة قِوادٍ في تاريخ الجنس البشري يسقطون دفعة واحدة: فأوَّلهم كان أحد العشرة المبشرين بالجنّة! وثانيهم كان "الطيّار" وثالثهم كان شاعر رسول اللَّه شخصيًا....وكانت الشاعرات النسوة لهن دورا كبيرا في هذا المجال وهن أروى بنت الحارث، وأروى بنت عبد المطلب، وأسماء بنت أبي بكر، وأسماء بنت عميس، وأم البراء، وأم ذرّ، وأم رعلة القشيرية، وأم سلمة، ولبابة بنت الحارث، وأم نبيط، وأم الهيثم النخعية، وأمامة الزبذية، وأميمة بنت رفيقة، وبركة بنت ثعلبة، وبكارة الهلالية، والبيضاء بنت عبد المطلب، والخنساء، وحفصة بنت عمر، وخولة بنت الأزور، وخولة بنت ثابت، ودرة بنت أبي لهب، ورقيقة بنت أبي صيفي، ورقية بنت عبد المطلب، وزينب بنت علي، وزينب بنت العوام، وسعدى بنت كريز، وسودة بنت عمارة، والشيماء بنت الحارث، وصفية بنت عبد المطلب، وضباعة بنت عامر، وضبيعة بنت خزيمة، وعائشة بنت أبي بكر، وعاتكة بنت زيد، وعاتكة بنت عبد المطلب، وعمرة بنت دريد، وعمرة بنت رواحة، وفاطمة بنت محمد، وقتيلة بنت النضر، وكبشة بنت رافع، ولبابة بنت الحارث، وميمونة بنت عبد الله، ونعم بنت حسان، وهند بنت أنانة، وهند بنت الحارث، وهند بنت سهيل، وهند بنت عتبة.عندما هجا عبد الله بن الزبعرى شاعر المشركين آنذاك الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك عندما هجاه أبو سفيان وكان على شركه، فسأل يومها الرسول أصحابه، من يدافع عنه، فتقدم علي رضي الله عنه، وتقدم كعب بن مالك وسواهما، وبقي الرسول صامتًا حتى جاء حسان بن ثابت وأخرج لسانه، فسأله الرسول كيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال له: أسُلك منهم كما تسلُّ الشعرة من العجين، فقال له: اذهب وروح القدس تؤيدك، والزم أبا بكر فإنه نسابة العرب، أي أعلم الناس بالأنساب، ويمكن أن يرشده إلى الصلات والأرحام. وأمام الرسول صلى الله عليه وسلم قال النابغة الجعدي:
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
فسأله الرسول: إلى أين يا أبا ليلى؟ فقال: إلى الجنة.. فأجابه: لا فُض فوك..
ويومها قال لبيد بن ربيعة شاعر المعلقة وقد أسن، وهو من المؤلفة قلوبهم: أبدلني الله البقرة وآل عمران بالشعر..
فذهب الكاتب إلى أن الشعر لم يكن محرمًا في الإسلام، والرسول لم يقف منه موقفًا سلبيًا.. والشاعر الإسلامي- حسان خاصة- كان وزير إعلام الرسول والدين الإسلامي، ونجح في ذلك أي نجاح في الدفاع عن الدعوة الإسلامية وصاحبها. أما ما يقال عن هذا الموضوع فهو خلاف حول مضامين الشعر الأخلاقية وما سواها..حيث روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت عبد الله بن رواحة، فقال وأحسن، وأمرت كعب بن مالك فقال وأحسن، وأمرت حسن بن ثابت فشفى واشتفى.
وأما نقد الرسول الكريم للشعر، فينبغي أن نلاحظ أن الرسول الكريم قد جاء بدين قويم يدعو إلى الفضائل، وينهى عن الرذائل، ويدعو - قبل ذلك وبعده - إلى عبادة إله واحد لا شريك له، وأن المقاييس النقدية التي كان على أساسها يحكم الرسول على الشعر ويبني نقده وتوجيهه له - هي المقاييس والأسس الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم، من التسامح والتواضع والعدل والإحسان والخلق الحسن، وهي الأسس والمقاييس العربية التي أقرها الإسلام، كالكلام والشجاعة والنجدة وحفظ الجوار، وهذه الأسس تتصل بالمعاني التي يجب أن يدور حولها الشعر.
وإذا كان الرسول الكريم قد اتخذ من المعاني الإسلامية والتوجيهات الخلقية لهذا الدين مقياسا وأساسا ينقد الشعر على أساسه، ويصلح منه - فإنه صلى الله عليه وسلم قد اتخذ من القرآن الكريم - أيضا - أسلوبا ولفظا ونظما أساسا له ومنهاجا؛ لما امتاز به من سماحة في القول، وسلامة في التعبير، وطبعية في الأسلوب، وبعد عن التكلف والغلو.
ولا نعجب إذ رأينا شعراء المسلمين يتمثلون القرآن الكريم في شعرهم - على اختلاف فنونه وأغراضه - يتمثلونه معنى وموضوعا، وأسلوبا ونظما، فيبنون فخرهم ومدحهم وهجاءهم على أسس من المبادئ الإسلامية، والقيم الأخلاقية الرفيعة التي استحدثها الدين الإسلامي، في هذا المجتمع الجديد، وعلى دعامة من الفضائل العربية التي أقرها الإسلام، كما كانوا يتخذون من بلاغة القرآن وسحر بيانه أساسا لنظمهم ودعامة لبيانهم.
" د. صالح العطوان الحيالي"
تعليقات
إرسال تعليق