التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر-الحاشية أخطر من الملوك والرؤساء ــ بقلم د. صالح العطوان الحيالي -العرلق-

الحاشية أخطر من الملوك والرؤساء
ـــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العرلق- 19-12- 2018

احتلت أخبار الجلساء والندماء جزءاً من كتب التراث، وقد يتبادر إلى الذهن أن مجالس المسامرات والمنادمات كانت مخصصة للعبث واللهو، ولكن الاستطلاع يكشف أن جانباً من تلك المجالس كان مخصصاً لإنشاد الشعر أو المناظرات العلمية أو الأحاديث الدينية أو الدنيوية، هذا بالإضافة إلى جانب آخر غني بالغناء والعبث.
وقد برزت المنادمات والمجالسات منذ القدم باعتباره أحد المظاهر الحضارية في بلاطات الملوك وغيرهم من أصحاب السلطان، وغدا النديم أو الجليس شخصية ذات مكانة في حاشية ذوي السلطان، بحيث استطاع وخصوصاً في العصر العباسي أن يكون إحدى الشخصيات الرئيسة في الحاشية.
ومن أفضل ما يصور التنافس بين أفراد الحاشية ويوضح مكانة النديم الحوار التالي بين كاتبٍ ونديم، فقد فاخر كاتبٌ نديماً، فقال الكاتب: «أنا معونة وأنت مؤونة، وأنا للجد وأنت للهزل، وأنا للشدّة وأنت للذّة، وأنا للحرب وأنت للسلم» فقال النديم: «أنا للنعمة وأنت للخدمة، وأنا للحضرة وأنت للمهنة، تقوم وأنا جالس، وتحتشم وأنا مؤانس، تدأب لراحتي، وتشقى لسعادتي، فأنا شريك وأنت معين، كما أنك تابع وأنا قرين».
وقد تحولت المنادمات والمجالسات إلى جزء من الحياة اليومية، خصوصاً في الدولة العباسية؛ لما شهدته من انتشار حياة البذخ والترف، وقد امتدت آثار المنادمات إلى الناس فلم تقتصر على البلاط، كما تركت آثارها على المصنفين.
بعض صفات الندماء وأخلاقهم
وقد كان لمن يصاحب السلطان من ندماء وجلساء شروط يجب أن يتمتعوا بها، ومن أول هذه الشروط ملازمته ومخالطته بالهيبة وإن طال الأنس به، لأن انقباض الهيبة يؤدي إلى الإخلال بآداب معاشرته، فعلى النديم أن يعامله دوماً وفي كل مجلس يحضره معاملة من يجالسه لأول مرة، ويؤكد ابن المقفع ذلك عندما يخاطب صلحب السلطان بقوله: «وكن في مداراته كالمؤتنف ما قبله، ولا تقدّر الأمر بينك وبينه، على ما كنت تعرف من أخلاقه، فإن الأخلاق مستحيلة مع الملك، وربما رأينا الرجل المدلّ على ذي السلطان بقدمه قد أضرّ به قِدمه».
ويشترط في النديم أن يظهر الودّ لسلطانه حتى يكسب عطفه، ولا يتم هذا الود إلا بإظهار النصيحة له؛ لأنه من علامات الوفاء له، فهو يدفع النديم إلى الإخلاص فيحفظ سره ويكتمه.
وعليه ألا يكون حسوداً؛ لأن الحسد يفسد علاقته بالناس في مجلس الملك، كما أنه يفسد علاقته بالملك.
وأن يكون كريماً، فالخلفاء تحب النديم الكريم، وتقرّبه، وتكره أن ترى من أحد ملازميها بخلاً، ويكرهون عدم ظهور النعمة على جلسائهم؛ لأن ذلك لا يدلّ على مروءتهم وإنما على بخلهم وجحدهم لنعمة سلطانهم.
وأن يزيّن سيرتهم ويتوخّى مرضاتهم، ويقدّر المور على موافقهتم، ولا يواصل إلا من لا تباعد مواصلته إياه عنهم، وعليه ألا يستخفّ بأمورهم، وألا يتثاقل عن طاعتهم، وألا يبطر إذا أكرموه، وألا يجترئ عليهم إذا قربوه.
واعتبر الظرف صفة ملازمة للنديم، لأن الظريف يخفّ على قلب السلطان، أما الثقيل فقد حرص الملوك على إبعاده عن مجالسهم، لأن حضوره تكدير لصفو المجلس وعبء على الجلساء والندماء. قيل لأنو شروان: «ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل فلا يعييه، ولا يحمل مجالسة الثقيل؟ فقال: لأن الحمل تشترك فيه الأعضاء، والثقيل تنفرد به الروح».
بينما كان تأثير الوعاظ على الخلفاء ضعيفاً لأنهم لم ينجحوا في حملهم على اتّباع نصائحهم.
في حين كان البلاط مكاناً صالحاً لتجويد الشعر، مما جعل الشعراء يتنافسون فيه لكسب رضى الخليفة، فبذلوا عناية كبيرة في صياغة أشعارهم، والعناية بها
خلال قرائتي لمختارات من القصص والروايات التأريخية والتي تعود لنخبة من الملوك والسلاطين والفرسان والحكام الذين حكموا بقاع واسعة من الاراضي الممتدة على سطح الكرة المدورة , كانت معظمها متشابه احيانا فالعديد من مضامينها احتوت على القسوة والظلم والجشع وعدم الاكتراث لقضايا الرعية ومعاناتهم والابتعاد عن حياة الشعوب بشكل واضح , فكان الحاكم في وادي وشعبه المسكين في وادي اخر و لكل قاعدة شواذ ولكن بصورة متواضعة داخل كتاب التاريخ العالمي !! سألت نفسي كثيرا مالذي يدفع الملك او الحاكم للمبالغة في ظلم شعبه ورعيته ؟ هل هي مشاغل البلاد الكثيرة ؟ ام الكرسي الذهبي وصلاحياته الواسعة التي يضعف امامها شريحة من الانتهازيين ؟ ام ان تحقيق رغبات الشعوب كان ولايزال من الامور التي من الصعب تحقيقها ؟؟ ان جميع هذه الاسئلة تمتد للصواب بصلة فهي من خصائص الملوك والحكام وحتى النجوم اللامعين احيانا وان الملاحظ من خلال دراستي الدقيقة لاكثر من شخصية ملكية سواء كانت عربية ام عالمية وجدت فيها تشابه كبير فيما بينها يدفعها في الكثير من الاحيان لارتكاب الأثام وصب المظالم على الشعوب التي يحكمونها هذه الحالة تمثلها ( الحاشية ) والحاشية هي عبارة عن مجموعة من الاشخاص تحيط بالملك او الحاكم عادة مايتم اختيارها لقواعد فئوية او عشائرية فينظمون اعماله ومواعيده حسب مايرونه مناسبا !! فهم عيون الملك التي يرى فيها هموم الناس وقضاياهم وحاجياتهم , وبمرور الايام وتوالي السنين يصل الملك عادة لأعطاء الثقة المطلقة بهؤلاء الاشخاص واقصد ( الحاشية) و التي عادة ماتستغل هذه الحالة في الظلم والاستبداد فيظهر كتاب التاريخ يلعن هذا الملك او ذاك لتنفيذه مظلمة او مجزرة دون الاخذ بنظر الاعتبار ماتفعله ( الحاشية) وراء الكواليس ان حديثنا اليوم ليس دفاعا عن الظلمة والمستبدين من الملوك او الحكام فهم نالوا عذاب الله في دار الاخرة عما ارتكبوا من مظالم وجرائم نتيجة اتباعهم بشكل اعمى لكلمات وملاحظات ( الحاشية ) التي ترسم الصور فتلون من تلون وتمسخ من تريد مسخه متناسين دورهم الرئيسي كونهم اداة الحاكم المستقيمة وعيونه الواضحة التي ترى كل شيئ وتنقله بكل اخلاص وامانة ان الذي يحصل اليوم في حياتنا المعاصرة يصدر من سراج واحد من الذي حصل قديما في الواقع العربي والغربي على حد سواء , فاليوم يوجد لكل مسؤول سكرتير ! و قديما كان يسمى بــ( الحاجب ) ومهمته هي اخفاء الملك او الحاكم عن عيون المدينة وايصال طلباتهم اليه دون رؤيته من الناس في بعض الاحيان فيكون الحاجب منفذ الملك الوحيد للناس وبالعكس , ومن خلاله يستطيع الملك ان يعلم اخبار واحوال المدينة ومايجري فيها , فتخيلوا ان هذا الحاجب على سبيل المثال كان كاذبا ؟ او مخادعا ؟ او مستغلا لمنصبه ؟ ومتناسيا عين الله التي تراه في كل مكان وزمان !! مالذي سيفعله بحاجيات الناس ؟ وخاصة ان خول بشكل كبير من قبل الملك نفسه على ادارة امور البلاد والعباد ليبقى ذلك الحاكم والملك يتمتع بنسمات الحكم وكرسي الرئاسة بعيدا عن ضجيج المدينة ومشاكلها !!!! ان على المسؤولين المعاصرين عدم الاكتراث الى دور حاجبهم الجديد والايمان المطلق بمايقوله دائما فيكونوا صور منسوخة عن اقرانهم قديما !! كون ان مايصدر من الحاجب كان صائبا ام خاطئا سيكون مردوده دائما في عيون الناس على انها اصدارات المسؤول نفسه ولن يفهم مجمل الناس هذه القضية ابدا وماهية دور الحاجب , فعليهم جميعا ان يدققوا في اية قضية تطرح عليهم وان لايلتزموا الكلام والاحاديث من مصدر واحد وهو مصدر الحاجب ان ارادوا ان يكونوا عادلين في حياتهم امام الله سبحانه وامام شعوبهم او امام انفسهم وضمائرهم , وليفعلوا كما فعل قدوتهم من الانبياء والأئمة الاطهار (عليهم السلام) الذين كانوا يجولون الرعية بمختلف الازمان بحثا عن الظلم لاصلاحه وبحثا عن الحق لارجاعه غير مكترثين بحاجب او سكرتير !! ان الخلل اليوم يازملائي لاينصب على تلك المهنة , فهي مهنة من اعظم المهن التي ربما يستلقي منها اصحابها الكثير من الدعاء والشكر والثناء تجاه خدمة او معروف يقدمه صاحبها لرفع مظلمة او خلاص بريئا من تهمة نتيجة اخلاص الحاجب او السكرتير في عمله امام الله فكان الصحابي انس بن مالك رضي الله عنه والذي كان يعمل بمثابة خادما لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خير قدوة ودليلا على روح الاخلاص لعمله وحب مساعدة الناس فكان ينقل لرسول الله صلى الله عليه وسلم مايراه في بقاع العالم الاسلامي بجناح المحبة والمودة للناس جميعا , على العكس من الشخصيات الانتهازية التي ارتبط اسمها بتلك المهنة فكانت بمثابة لعنة صارمة في التاريخ على ملوكهم وحكامهم ورؤسائهم نتيجة انصياع الاخير لما يراه الحاجب وما تميل به مشاعره وغرائزه واطماعه , فلابد ان تعلم ايها المسؤول الكبير ان نقل المظالم اليك عن طريق الحاجب هي مسألة خطيرة وفي ذات الوقت ربما تكون غاية سامية ؟ وفي النهاية سوف يحاسبكم الله عنها شئتم ام ابيتهم !! فاحذروا ان تتبعوا نزواتكم فتحرككم مشاعركم الشخصية فتظلموا الصادق وتكافؤون الكاذب , فاتبعوا دوما في حياتكم الحكمة ورجاحة العقل فيما يعرض عليكم من امور العباد حتى لاتظلموا فتكونوا على مافعلتم نادمين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر- عام ٢٠١٨ يشهداعتقال ١٨٠٠ فلسطيني مقدسي - تقرير ميادة كيلاني عن مركز الأسرى الفلسطيني

أسرى فلسطين/ 1800 حالة اعتقال من القدس خلال العام الماضي أكد مركز أسرى فلسطين للدراسات بأن مدينة القدس تصدرت المدن الفلسطينية في عدد حالات الاعتقال خلال العام الماضي حيث رصد ما يزيد عن (1800) حالة اعتقال، وهى تشكل ثلث نسبة الاعتقالات التي جرت في كل انحاء الأراضي المحتلة خلال عام 2018، والتي بلغت (5700) حالة اعتقال . وأوضح الباحث "رياض الأشقر" الناطق الإعلامي للمركز بان الاعتقالات طالت كافة شرائح المجتمع المقدسي ولم تستثنى النساء، والمرضى، وكبار السن، والأسرى المحررين، والنواب، وقيادات العمل الوطني، حيث بلغت حالات الاعتقال بين النساء (74) بينهن قاصرات، و(450) طفلاً بينهم اطفال لا تتجاوز اعمارهم 12 عام، و (22) من كبار السن تجاوزت أعمارهم 55 عاماً . وبين " الأشقر" بان الاحتلال نفذ حملات اعتقال واسعة لمنع المقدسيين من مواجهة سماسرة الأراضي الذين يبيعون المنازل للمستوطنين، وتوزعت الاعتقالات على كافة قرى وبلدات ومناحي مدينة القدس، حيث احتلت العيسوية النصيب الاكبر من عمليات الاعتقال، ووصلت الى (580) حالة اعتقال، وتلاها منطقة شعفاط ووصلت حالات الاعتقال منها (295) ح...

جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر-حبيبتي فلسطين - بقلم الشاعر رشادالقدومي

حبيبتي  فلسطين دعيني اراك كما اشتهي فانت الضياء وانت الهوى دعيني بحلم فلا ينتهي فانت الحياة وانت المنى دعيني اقبل ثغر الحبيب فثغرك بلسم فيه الشفى يا من لروحك وقع غريب لغيرك حبي لا يرتجى دعيني بعطرك اغدوا سعيد وانفاسك العذبه ابغي الهنى فدقات قلبك قالت رويدا ارحم حبيبي فقلبي انطفى تركت بقلبي جرحا عميقا فهل كنت تعلم قدر الجفى نطرتك ليلي اعد النجوم وارقب نجمك حيث اختفى وقد كنت ابكي طوال النهار وانظر دربك اين الوفى لقد عاد قلبي يبغي الوداد وقد قال للبعد عنك كفى حبيبة قلبي بها استنير ومنها تعلمت درس الوفى فلطفا بقلبي انت الحياة وعذرا حبيبي غيابي اختفى كلمات رشاد القدومي

جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر- سفرالعطش - بقلم الشاعر نصربخيت

من سفر العطش