قصة قصيرة
الأرض
كل يوم يأتى مبكراً من قريته التى تتبع خان يونس على الحدود, يسير إلى الحقل, حاملاً فأسه على كتفه, ممسكاً بيده صرة بها زاده, والابتسامة لا تفارق وجهه, مصغياً لصوت العصافير وحفيف أوراق الأغصان, عند الظهيرة يأكل زاده تاركاً على الأعشاب ماتبقى من الخبز للعصافير, وفى المساء عندما ينتزع المغرب دقائق النور من الفضاء, يعود إلى بيته.. يتحلى بسمعة طيبة وأخلاق حميدة متمتعاً بنظرة رضا وإستحسان من كثيرين من أهالى بلدته .
ذات يوم, لملم أشياءه, عائداً إلى بيته, اعترضته دوريه إسرائيليه.. أمروه بمغادرة الأرض, نظر إليهم وجدهم كأشجارعارية من الأوراق. قال لهم : هذه أرضى وهناك بلدتى وأسرتى .. كيف أترك أرض أجدادى؟ إلتفوا حوله أمروه بالركوع على ركبتيه .. تذكر كلمات والده : أن السيد هو الذى يقاتل من أجل حريته, فإما يموت أو ينتصر ويعيش حراً , أما العبد هو الذى يخاف من الموت فيقبل حياة العبودية بدلاً من القتال من أجل حريته.
ركله أحدهم من الخلف.. اتسعت عيناه حتى كادت تخرج من محجريها .. كانت تلك لحظة الصدق.. استجمع قوته ولطم الجندى على وجهه أرداه أرضاً.. انهالوا عليه بالهروات ضربا ً, كانت الركلات تنتقل إلى أنحاء جسده من الضلوع إلى الكليتين والظهر والرقبه حتى الجمجمه. سمع ضحكاتهم تجلجل فى الفضاء.. أصوات ضحكاتهم تعلو وهو محاصر وحده وسط الأرض. الريح تصفر والرمال تتناثر من حوله.. ينظر بعينيه الكلييين إلى الأشجار تؤرجحها الريح يمنة ويسرة.. تمدد.. نزل بثقله على الأرض.. فأحتوته الأرض..
كان ممددا وعيناه إلى السماء, وظلت الشمس حتى غابت, ولم يحس, ولم يتألم من كثرة اللكمات والركل بكل أجزاء جسده.. مغمض العينين.. أحس باشتياق إلى قريته وأهله.
لم يتركوه إلا عندما تأكدوا أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة, لم يبق منه إلاعينان ينظر من خلالهما.. طفل قابع بجوار الكوخ, يكتم أهاته ويبتلع صرخاته.. انصرف الجميع من حوله, نهض الطفل وقبل جبهته, ووضع على صدره غصن زيتون أخضر, ومضى ويده تقبض على حجر...
مجدى متولى إبراهيم
الأرض
كل يوم يأتى مبكراً من قريته التى تتبع خان يونس على الحدود, يسير إلى الحقل, حاملاً فأسه على كتفه, ممسكاً بيده صرة بها زاده, والابتسامة لا تفارق وجهه, مصغياً لصوت العصافير وحفيف أوراق الأغصان, عند الظهيرة يأكل زاده تاركاً على الأعشاب ماتبقى من الخبز للعصافير, وفى المساء عندما ينتزع المغرب دقائق النور من الفضاء, يعود إلى بيته.. يتحلى بسمعة طيبة وأخلاق حميدة متمتعاً بنظرة رضا وإستحسان من كثيرين من أهالى بلدته .
ذات يوم, لملم أشياءه, عائداً إلى بيته, اعترضته دوريه إسرائيليه.. أمروه بمغادرة الأرض, نظر إليهم وجدهم كأشجارعارية من الأوراق. قال لهم : هذه أرضى وهناك بلدتى وأسرتى .. كيف أترك أرض أجدادى؟ إلتفوا حوله أمروه بالركوع على ركبتيه .. تذكر كلمات والده : أن السيد هو الذى يقاتل من أجل حريته, فإما يموت أو ينتصر ويعيش حراً , أما العبد هو الذى يخاف من الموت فيقبل حياة العبودية بدلاً من القتال من أجل حريته.
ركله أحدهم من الخلف.. اتسعت عيناه حتى كادت تخرج من محجريها .. كانت تلك لحظة الصدق.. استجمع قوته ولطم الجندى على وجهه أرداه أرضاً.. انهالوا عليه بالهروات ضربا ً, كانت الركلات تنتقل إلى أنحاء جسده من الضلوع إلى الكليتين والظهر والرقبه حتى الجمجمه. سمع ضحكاتهم تجلجل فى الفضاء.. أصوات ضحكاتهم تعلو وهو محاصر وحده وسط الأرض. الريح تصفر والرمال تتناثر من حوله.. ينظر بعينيه الكلييين إلى الأشجار تؤرجحها الريح يمنة ويسرة.. تمدد.. نزل بثقله على الأرض.. فأحتوته الأرض..
كان ممددا وعيناه إلى السماء, وظلت الشمس حتى غابت, ولم يحس, ولم يتألم من كثرة اللكمات والركل بكل أجزاء جسده.. مغمض العينين.. أحس باشتياق إلى قريته وأهله.
لم يتركوه إلا عندما تأكدوا أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة, لم يبق منه إلاعينان ينظر من خلالهما.. طفل قابع بجوار الكوخ, يكتم أهاته ويبتلع صرخاته.. انصرف الجميع من حوله, نهض الطفل وقبل جبهته, ووضع على صدره غصن زيتون أخضر, ومضى ويده تقبض على حجر...
مجدى متولى إبراهيم
تعليقات
إرسال تعليق